صفة الجنة
التصنيف:الإيمان باليوم الآخر
تواترت الآيات والأحاديث النبوية في ذكر الجنة وأهلها ،
وذكر الأسباب الموجبة لدخولها ، وما ذلك إلا لعظم منزلة الجنة فهي دار الكرامة ،
الداخل فيها ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، وفيها أعدَّ الله
لعباده الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
فحيَّا على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيّم
وقد اختص الله سبحانه هذه الدار بأوليائه ، ينعمون فيها
بأصناف الملذات ، فما يشتهي أحدهم شيئاً إلا جاءه ، قال تعالى : { يطاف عليهم
بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون } ( الزخرف:71 ) .
ومن أعظم نِعَم تلك الدار ما كتب الله لأهلها من الخلود الأبدي فيها ، فلا يخافون
موتاً أو فناءً ، قال تعالى : { يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم
مقيم } (التوبة:21) ، ومن أعظم ما ينال أهل الجنة من النعيم أن يحلَّ الله عليهم
رضوانه فلا يسخط عليهم أبدا ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تبارك وتعالى
يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم
، فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ، فيقول : أنا أعطيكم
أفضل من ذلك ، قالوا : يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول : أحل عليكم رضواني فلا
أسخط عليكم بعده أبدا ) رواه البخاري ومسلم . وأعظم نعمة في الجنة على الإطلاق هي
رؤية وجهه الكريم سبحانه وتعالى ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول
الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ، فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟! ألم
تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟!
.. فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى
ربهم ) رواه مسلم .
ومن صفات جنة النعيم خلوها من المنغصّات والمكدّرات ،
فلا هم يلحق أهلها ، ولا تعب يصيبهم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من دخلها - يعني
الجنة - ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابهم ، ولا يفنى شبابهم ) رواه مسلم .
أما رزق أهل الجنة ، فيأتيهم { فيها بكرة وعشيا }
(مريم:62 ) وما اشتهى أحدهم شيئا إلا أتاه ، قال تعالى : { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ
الأنفس وَتَلَذُّ الأعين وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (الزخرف:71) فما أعظَمَ
نعيمهم ، وما ألذَّ سرورهم .
أما نساؤهم فالحور العين ، يبلغ من جمال الواحدة
منهن أن لو طلعت على أهل الأرض لأضاءت
ما بين الجنة والأرض ، ولملأت ما بينهما بريحها ،
ولخمارها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ، قال تعالى :{ كذلك وزوجناهم بحور عين
} ( الدخان:54) .
هذا عن الحور العين ، أما عن نساء أهل الدنيا ، فينعم
الله عليهن في الجنة بجمال أشدَّ من جمال الحور العين ، قال تعالى: { إنا أنشأناهن
إنشاء، فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا، لأصحاب اليمين } ( الواقعة : 35 - 38 ) .
لهاك النوم عن طلب الأماني وعن تلك الأوانس في الجنان
تعيش مخلدا لا موت فيـها وتلهو في الخيام مع الحسـان
تيقظ من منامك إن خيـراً من النوم التهجـد بالقــرآن
وأما أنهار الجنة فقد ذكرها سبحانه في كتابه الكريم
فقال: { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم
يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل
الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } (
محمد : 15 )
وأما سعة الجنة فلا يعلم ذلك إلا الله ، وقد أخبرنا
سبحانه عن عرضها بأنه ما بين السماء والأرض ، قال تعالى: { سابقوا إلى مغفرة من
ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } ( الحديد:21 ) . وقال تعالى : { وسارعوا
إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } (آل عمران:133) وذكر العلماء أن
الله ذكر عرض الجنة ولم يذكر طولها للدلالة على سعتها العظيمة .
هذه بعض أوصاف الجنة وأوصاف أهلها ، وهي غيض من فيض ، ونقطة
من بحر . ومن أراد أن يتعرف على جنة الله ودار كرامته فعليه بكتاب الله وسنة نبيه
صلى الله عليه وسلم ، فليس بعد بيانهما بيان ، فهل بعد هذا من مشمِّرٍ إلى الجنة ،
فإن الجنة - ورب الكعبة - نورٌ يتلألأ ، وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ، ونهر جار ،
وفاكهة كثيرة نضيجة ، وزوجة حسناء جميلة .
===========================
الإيمان بالجنة والنار
الجنة دار الله ودار كرامته، ومحل أوليائه وعباده الصالحين،
وفي الجنة نعيم لا مثيل له، ليس له في الدنيا نظير ولا شبيه، وفي الجنة ما لا عينٌ
رأَت ولا أذُنٌ سمعَت، ولا خطَر على قَلبِ بَشَر. وقد جاء وصف الجنة في الكثير من الآيات
القرآنية، قال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى
الَّذِينَ اتَّقَوْا}(الرعد:35)، وقال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ
الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ
لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ
وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ}(محمد:15). والنبيُّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما
كان يُخْبِر عنِ الجنَّة بِما يُشوِّق النُّفوسَ إليها ويَشحَذُ الهِمَمَ لطلبها
والسعي لها. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله
عز وجل: أعددْتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب
بشر، مصداق ذلك في كتاب الله: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ
قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(السجدة:17). وفي الجنة شجرة
يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، واقرؤوا إن شئتم: {وَظِلٍّ
مَمْدُودٍ}(الواقعة:30)، وموضع سوْطٍ (آلةُ الضَّربِ الَّتي تُتَّخَذُ من الجِلْدِ) في الجنة خير من
الدنيا وما فيها، واقرؤوا إن شئتم: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ
فَقَدْ فَازَ}(آل عمران:185)) رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (يُنادِي مُنادٍ (أي:عَلى أَهْلِ الجنَّة): إن لكم أن
تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أنْ
تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبْأسوا أبداً، فذلك قوله
عز وجل: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ}(الأعراف:43)) رواه مسلم.
وللجنة أبواب ثمانية يدخل منها المؤمنون، قال الله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ
مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ}(ص:50)، وقال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا
وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ
يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ}(الرعد:23). وقد أخبرنا النبي صلى الله
عليه وسلم أن الجنة تفتح أبوابها في رمضان، وفي يوم الاثنين والخميس. عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة)
رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّة يوم الاثنين ويوم
الخميس..) رواه مسلم. وعن عُقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (ما منكم مِنْ أحد يتوضأ فيبالغ، ـ أو فيُسْبِغ الوضوء ـ، ثم يقول: أشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فُتِحَتْ له
أبْوابُ الجَنَّةِ الثَّمانِيَة يدخل مِن أيّها شاء) رواه مسلم. وعن سَهْل بن سعد
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنة ثمانية أبواب: باب منها
يسمى الريَّان لا يدخله إلا الصائمون) رواه البخاري. قال ابن حجر في "فتح
الباري": "وقد وردت هذه العِدَّة لأبواب الجنة في عدة أحاديث".
وأمّا النّار ـ والعياذ بالله ـ فهي مثوَى الكافرين
والمنافقين، والفجار والأشرارِ، نارٌ: قال الله عز وجل عنها: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ}(التحريم:6).
قال ابن عاشور: "وتنكير {نَارًا} للتعظيم، وأجري عليها وصف بجملة وقودها
الناس والحجارة زيادة في التحذير لئلا يكونوا من وقود النار. وتذكيراً بحال
المشركين الذي في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
حَصَبُ جَهَنَّمَ}(الْأَنْبِياء:98)، وتفظيعًا للنار
إذ يكون الحجر عوضا لها عن الحطب".. نارٌ: أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى
أقلِّ أهلِها وأهونِهم عذابًا بقوله: (إنَّ أهْوَنَ أهْل النَّار عَذابًا يوم
القِيامة لَرَجُلٌ تُوضَع في أخْمَصِ قَدَمَيْه (ما لم يُصِبِ الأرضَ مِن باطِن القدم)
جَمْرَةٌ، يَغْلِي منْها دِماغُه)
رواه البخاري..
وللنار سبعة أبواب يدخل منها الكافرون ويخلدون فيها، ويدخل
منها العصاة من المسلمين الذين شاء الله لهم ذلك ولا يخلدون فيها، قال الله تعالى:
{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ
لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ}(الحجر: 43 ـ 44) . قال ابن كثير:
"أخبر أن لجهنم سبعة أبواب: {لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ}
أي: قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه، لا محيد لهم عنه - أجارنا
الله منها ـ، وكل يدخل من باب بحسب عمله، ويستقر في دركٍ بقدْر فعله". وعن
عتبة بن عبدٍ السلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجنَّةُ لها
ثمانية أبواب، و النارُ لها سبعةُ أبواب) رواه أحمد. قال ابن عبد البر في
"الاستذكار ": "وقد قيل إن للجنة ثمانية أبواب، وأبواب جهنم سبعة -
أجارنا الله منها ـ، فأما أبواب جهنم ففي كتاب الله ما يكفي في ذلك المعنى، قال
الله عز وجل: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ}(الحجر:44:43).
وأما أبواب الجنة فموجودة في السُنة مِنْ نقل الآحاد العدول الأئمة".
الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان ولا تفنيان:
اتفق أهل السنة على أن الجنة والنار موجودتان مُعدَّتان
لأهلهما ولا تفنيان، فالجنَّة رحمة الله تعالى ودار كرامة أعدَّها لأوليائه وعباده
الصالحين، والنار دار عذابه أعدَّها للكافرين والفُجار.. ولم يزل أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم والتابعون، وأهل السنة والحديث، وعلماء الإسلام ـ سلفا وخلفا ـ
على اعتقاد ذلك وإثباته، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية في ذلك كثيرة، ومن
ذلك:
1 ـ قال الله تعالى عن الجنة: {وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}(آل عمران:133). وقال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}(الحديد:21).
2 ـ وقال الله تعالى عن النار: {فَاتَّقُوا النَّارَ
الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}(البقرة:24).
وقال تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}(آل
عمران:131).. وقد عبَّر القرآن الكريم بصيغة الماضي في قوله {أُعِدَّتْ} أي: هُيئت
وأُعِدَّت، وهذا التعبير يفيد أنهما مخلوقتان وموجودتان.
3 ـ عن أنس رضي الله عنه في قصة الإسراء والمعراج ـ وفي
آخر الحديث ـ قال صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّة، فإذا فيها
جَنابِذ (قباب) اللُّؤْلُؤ، وإذا تُرابُها المِسْك) رواه مسلم.
4 ـ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: "انخسفت
الشمس على عهد رسول الله.." ـ فذكر الحديث ـ وفيه فقال صلى الله عليه وسلم:
(.. إني رأيتُ الجنة وتناولتُ عنقوداً ولو أصبْته (تَمكَّنتُ مِن قَطْفِه) لأكلتم
منه ما بقيت الدنيا. ورأيتُ النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع) رواه البخاري.
5 ـ عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (والذي نفسي بيده لو رأيتُم ما رأيْتُ لضحكتم قليلا وبكيتم كثيرا، قالوا: وما
رأيتَ يا رسول الله؟ قال: رأيتُ الجنة والنار) رواه مسلم. والأحاديث في هذا المعنى
كثيرة. وقد عقد البخاري في صحيحه بابا قال فيه: "باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها
مخلوقة"، وذكر أحاديث منها ما تقدم. قال ابن حجر في "فتح الباري": "قوله
: ( باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة ) أي موجودة الآن، وأشار بذلك إلى الرد
على مَنْ زعم مِنَ المعتزلة أنها لا توجد إلا يوم القيامة، وقد ذكر المصنف في
الباب أحاديث كثيرة دالة على ما ترجم به : فمنها ما يتعلق بكونها موجودة الآن،
ومنها ما يتعلق بصفتها . وأصرح مما ذكره في ذلك ما أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد
قوي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لما خلقَ اللهُ الجنةَ قال
لجبريل: اذهبْ فانظرْ إليها، فذهبَ فنظرَ إليها ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا
يسمعُ بها أحدٌ إلا دخلها، ثم حفَّها بالمكارِه، ثم قال: يا جبْريل اذهبْ فانظرْ
إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يدخلَها
أحد. قال: فلما خلقَ اللهُ النارَ قال: يا جِبريل اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهب فنظر إليها،
ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا يسمعُ بها أحدٌ فيدخلُها، فحفَّها بالشهوات ثم
قال: يا جبرِيل اذهب فانظر إليها ، فذهبَ فنظرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ
وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يبقَى أحدٌ إلا دخلها)".
بعض أقوال علماء أهل السُنة في أن الجنة والنار مخلوقتان
وموجودتان ولا تَفْنَيَان:
قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل (المتوفى: 241هـ):
"وإن الله خلق الجنة قبل الخَلق، وخلق لها أهلاً، ونعيمها دائم.. وخلق النار
قبل خلقه الخلق، وخلق لها أهلاً وعذابها دائم". وقال أبو زرعة الرازي
(المتوفى: 264هـ): "والجنة حق، والنار حق، وهما مخلوقتان لا يفنيان أبداً، والجنة
ثواب لأوليائه، والنار عقاب لأهل معصيته إلا من رحم الله عزّ وجل". وقال
الإمام الطحاوي ((المتوفى: 321هـ) في العقيدة السلفية التي تنسب إليه المعروفة بالعقيدة
(الطحاوية): "والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان، فإن الله
تعالى: خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلاً، فمن شاء منهم إلى الجنة
فضلاً منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه". وقال ابن أبي العز الحنفي
شارح (الطحاوية): "أما قوله: (الجنة والنار مخلوقتان)،
فاتفق أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، ولم يزل أهل السنة
على ذلك". وقال الإمام الصابوني (المتوفى: 449هـ): "ويشهد أهل السنة: أن
الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما باقيتان، لا يفنيان أبداً". وقال ابن تيمية في
"درء تعارض العقل والنقل": وقال أهل الإسلام جميعاً: ليس للجنة والنار
آخر، وإنهما لا تزالان باقيتين، وكذلك أهل الجنة لا يزالون في الجنة يتنعمون، وأهل
النار في النار يعذبون، ليس لذلك آخر..". وقال ابن حزم في كتابه "الملل
والنِحل": "اتفقت فرق الأمة كلها على أنه لا فناء للجنة ولا لنعيمها،
ولا للنار ولا لعذابها".
وقال ابن القيم: "في بيان وجود الجنة الآن: لم يزل
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون وتابعوهم وأهل السنة والحديث قاطبة،
وفقهاء الإسلام وأهل التصوف والزهد، على اعتقاد ذلك وإثباته، مستندين في ذلك إلى
نصوص الكتاب والسنة، وما عُلِم بالضرورة من أخبار الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم،
فإنهم دعوا الأمم إليها وأخبروا بها، إلى أن نبغت نابغة مِن القدَرية والمعتزلة
(من الفرق الضالة المخالفة لأهل السنة) فأنكرت أن تكون مخلوقة الآن وقالت بل الله
ينشئها يوم القيامة، وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعةً فيما يفعله
الله، وأنه ينبغي له أن يفعل كذا ولا ينبغي له أن يفعل كذا، وقاسوه على خلقه في
أفعالهم". وقال السفاريني الحنبلي: "ولِهذا صَار السَّلَف الصَّالِح
وَمَنْ نَحَا نحوهم يَذْكُرُون في عَقَائِدهمْ أَنَّ الْجَنَّة والنَّار
مخْلُوقتان، ويَذْكُر مَنْ صَنَّفَ فِي الْمَقَالَات أَنَّ هذه مَقَالَةُ أَهْل
السُّنَّة وَالْحَدِيث قَاطِبَةً لا يَخْتَلِفون فيها".
وقد سُئِل الشيخ ابن عثيمين: هل الجنة والنار موجودتان
الآن؟ فأجاب بقوله: "نعم الجنة والنار موجودتان الآن، ودليل ذلك من الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقال الله تعالى في النار: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}(آل
عمران:131)، والإعداد بمعنى التهيئة، وفي الجنة قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}(آل عمران:133)، والإعداد أيضاً التهيئة. وأما السنة فقد
ثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة كسوف الشمس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قام
يصلي، فعرضت عليه الجنة والنار، وشاهد الجنة حتى هم أن يتناول منها عنقوداً، ثم
بدا له أن لا يفعل عليه الصلاة والسلام. وشاهد النار، ورأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي
يجر قصبه في النار والعياذ بالله، يعني أمعاءه قد اندلقت من بطنه فهو يجرها في
النار، لأن الرجل أول من أدخل الشرك على العرب، فكان له كِفل من العذاب الذي يصيب
من بعده. ورأى امرأة تُعَذَّب في النار في هِرَّة (قطة) حبستها حتى ماتت، فلا هي أطعمتها
ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، فدل ذلك على أن الجنة والنار موجودتان
الآن". وقال الشيخ حافظ حكمي:
"والنار والجنة حق، وهما موجودتان لا فناء لهما".
الإيمان بالجنة والنار ـ وأنهما موجودتان ولا تفنيان،
وأن الله تعالى خلقهما قبل الخَلق، وخلق لهما أهلاً، فمَنْ شاء الله عز وجل أدخله
الجنة فضلاً منه، ومن شاء أدخله النار عدلاً منه، وما أعَدَّه الله عز وجل لأهل
الجنة من نعيم، وما أعَدَّه لأهل النار من عذاب ـ، يدخل ضمن الإيمان باليوم الآخر
الذي هو أصل وركن من أصول وأركان الإيمان.. والإيمان بالجنة والنار ـ أيضا ـ فرع
من الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا آمنا بأن محمداً صلى الله عليه وسلم
رسول الله، صَدَّقْنا بكل ما جاءنا به من عند الله من أخبار وأوامر ونواهي، ومما
أخبرنا به وحدثنا عنه الجنة والنار وما فيهما من نعيم أو عذاب، وأحوال أهل كل
واحدة منهما، وقد قال الله تعالى عن نبيه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ
هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النجم:4:3). قال السعدي: "أي: ليس نطقه صادرا عن
هوى نفسه.. ودلَّ هذا على أن السُنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم كما
قال تعالى: {وَأَنزلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}(النساء:113)،
وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه، لأن كلامه لا يصدر عن هوى، وإنما
يصدر عن وحي يوحى".
والإيمان بالجنة والنار، وما أعده الله للمؤمنين في
الجنة من الكرامة والنعيم، وما أعد الله عز وجل للكفار والعُصاة في النار من
الشقاء والعذاب، يحث المسلم ويدفعه إلى السعي للنجاة من النار، والمسارعة بالطاعات
للفوز بالجنة، قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}(آل
عمران:133). وقال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بِشِقِّ تمْرة) رواه
البخاري.
============================
موران السماء يوم القيامة
مشاهد يوم القيامة كثيرةٌ ومتنوّعة، تطالُ كلّ أشكال
الحياة وأنواع المخلوقات، ويمكننا التعبير بأن يوم القيامة هو بحق: يوم التغيّرات
الكونيّة التي يشيب لها الولدان، ومن جملة التغيّرات الحاصلة التي ثبتت في السنّة
الصحيحة: تلك الأحوال المتفرّقة التي تكون عليها حال السماوات، كما قال الله عز وجل
في محكم كتابه: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} (إبراهيم:48).
على أن هذا التبديل للسماوات، ليس مشهداً واحداً، ولا
حالاً متفرّدة، بل هو مجموعة من الأحوال المتنوّعة المتراتبة وفق جدول زمني، بحيث
تشهد كلّ مرحلةٍ منها مشهداً مغايراً من مشاهد التبديل الحاصل للسماوات يوم
القيامة، ونحصي في ذلك جملةً من التغيّرات، مثل: الكشط، والانفطار، والتشقّق، والانفراج،
وانفتاحها أبواباً يعاينها الناس، والمَوَران، وهذا هو محور حديثنا هنا.
ما هو المور
كلمة المَوْر في أصلها تدلّ على معنى الحراك والاضطراب،
وهذا الحراك يمتاز بالنشاط والقوّة، لكنّه متوسّط الحال بين الشدّة والضعف، ومما
يُذكر من معانيه: التردّد، ويعنون بها التحرّك في الاتجاهات المختلفة، ولذلك جرى
تشبيه حركة السماء بجريان السفن واضطرابها نتيجةً لحركة الموج التي تجعل الأشياء
في السفينة تذهبُ وتجيء.
يُقال:
ناقة مائرة، إذا كانت نشيطة في سيرها، كما ذكر ذلك أبو
منصور الهروي في تهذيب اللغة، ومار يمورُ موراً: إذا جعل يذهب ويجيء ويتردد. وقال
الأزهري: "مارت، أي سالت وترددت عليه، وذهبتْ وجاءت".
وبهذا المعنى، ما جاء في كتاب القدر للفريابي، قول
عكرمة: " لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه الروح عطس، فقال: الحمد لله، فقالت
الملائكة: رحمك ربّك، فذهب ينهض قبل أن تمور الروح في رجليه"، أي: قبل أن
تتحرّك في جسده.
ومما يُستدلّ به على معنى الإسراع ما حدّثت به عائشة رضي
الله عنها مخاطبةً عروة بن الزبير. قالت: "يا ابن أختي! بلغني أن عبد الله بن
عمرو، مارَ بنا إلى الحج.." القصّة بتمامها في صحيح مسلم.
وقد أنشد الأعشى:
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مور السحابة لا ريث ولا
عجل
كلام العلماء في حقيقة الموران
لم تختلف كلمة العلماء كثيراً عن قول أهل البلاغة في
معنى المَوَران، وإن ارتكزت في معظمها على معنى الحراك السريع، فقد نُقل عن مجاهد
قولُه في معنى المَوَران: "تمور السماء: أي: تدور دوراً كَدَوران الرّحى،
وتكفأُ بأهلِها تكفّؤ السفين، ويموج بعضها في بعض، وأصل المور: الاختلاف والاضطراب".
وللإمام ابن القيم محاولةٌ للجمع بين أقوال العلماء،
وذلك في قولِه: "..والمَوْر قد فُسٍر بالحركة، وفُسّر بالدوران، وفُسّر
بالتموّج والاضطراب، والتحقيق أنه حركةٌ في تموّج وتكفّؤ، وذهاب ومجيء؛ ولهذا فرّق
سبحانَه بين حركة السماء وحركة الجبال فقال: {وتسير الجبال سيرا} وقال {وإذا
الجبال سيرت} من مكان إلى مكان، وأما السماء فإنها تتكفّأ وتموج وتذهب".
[قلت ] المدون الأدلة على حدوث ذلك
1.النفخ في الصور وتفسيره
سؤال السائل //// ورد وصف الموران والتحرّك في
السماء يوم القيامة في موضعٍ واحد من القرآن الكريم، وهو قوله سبحانه:
{يوم تمور السماء مورا} (الطور: 9). {قلت المدون
والسبب في مور السماء . نفحة الملك اسرافيل في
الصور ووقته هو أمر الله ببداية إهلاك الكون لأول طريق يوم القيامة وآليته ان نفخ اسرافيل في الصور بشدة صوتية لا يمكن لبشر ان يقدرها او يصفها الا بتصور مليارات الديزبيلات والديزيبيل هو المقياس المعروف لدي البشر لقياس شدة الصوت وشدة الصوت لدي البشر يبدأ التأثير الضار للصوت عند درجة 6 ديسيبيلات ولو زادت الي فوق ال 12 ديسيبيل تبدأ التحطيم البدني بتفجير الأعضاء الفليشي اللحمية فتفجرها أشلاءا مثل المخ والرئتيت والقلب والطحال وسائر الاعضاء بالتتابع والخلاصة فبالمقارنة بين نفخة اسرافيل الملك ومقارنة ذلك بالشدة التي نعلمها نجد ان نفخة اسرافيل الملك لا يمكننا حتي تصور نسبة 12 ديسيبيل بما مقداره مليارات الديسيبيلات وستكو النفخة بهذه النسبة محطمة لكل قي التوازن في كون الله من سماوات وأرضين وما بينهما تحطيما متلاحقا كل حسب مقدار صمودة ومما هو معلوم لعلماء الميكانيكا والمجالات المتعلقة بعلوم الدفع والتصادم ان الصوت يحدث بموجات صوتية تحرج بالتتابع حسب شدته هذه الموجات الهادرة بشدة لا يمكن للبشر تقديرها ستعري كل شيئ في مجالها حتي أنه ستعري جزيئات الذرة عن بعضها وتخرج طاقات الفصل الموجودة في مستوياتها فتسجر الانهار والبحار من فصل وخروج محتويات ذرات المياه في البحار والنهار وتجعل الجبال كالعهن المنفوش وبالنسبة للسماوات السبع نظرا لان الله قد خلقها من مادة زيتية يعلمها هو سبحانه فستبدا بالتراخ في بداية مورها ثم تمور اكثر اي تغلي غليانا فتصير وردة في لون غليان سائلها كالدهان -اي الزيت والدهن- ثم تتشقق فتصير فتحات كبيرة ثم تتسع هذه الفتحات وتتواصل ببعضها فتصير أبوابا كثيرة ثم تقشط السماء في طبقاتها كالكتاب وبذالك يموت من فيها بإذن الله الجبارثم تموت الملائكة تباعا ولا يبقي الا اسرافيل وحملة العرش فيؤمر اسرافيل بقبضهم ولا يبقي الا الملك الله واسرافيل فيأمر الله الملك الجبار أن يموت اسرافيل فيموت ولا يبقي الا الله الملك
{{ روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟) (البخاري - حديث: 7382).
السرّ في المَوَران
قلت المدون لقد عهدت علي كل من يفتي الا قليلا ان يتصدروا الفتوي أحيانا بعدم علم وجهل بماهيات الامور ولو انهم قالوا الله اعلم لكان خيرا لهم فالمفتي لهذ السؤال مفتي موقع اسلام ويب والرد عليه وعلي السائل قد فصلته قبل اسطر تحت عنوان النفخ في صور الملك اسرافيل الذي خلقه الله لهذه الوظيفة ممسكا ببوقه اي الصور في يده شاخصا بصره ناحية العرش ينتظر امر الله له بالنفخ وهنا يبدأ آلية التدمير الصوتي للكون كله بما فيها السماوات التي خلقها الله من مادة زيتية غلية في النقاء {ارجع الي الاسطر السابقة تحت عنوان النفخ في الصور}
إذا كان موران السماء يعني: الذهاب والمجيء والتردد
والدوران والاضطراب، فما هو السرّ في هذا النوع من التبدّل في حركة السماء؟ فنحن
نعلم من خلال المشاهدة والرصد ما عليه الإحكام والاتزان في حركة السماء بما تحتويه
من ملايين الأفلاك على اختلاف أنواعها وأحجامها، كما قال عز وجل: {لا الشمس ينبغي
لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} (يس:40)، فلماذا يختلف هذا الإحكام يوم
القيامة؟.
نقول: لقد أرادَ الله سبحانَه وتعالى أن يوجد بقدرتِه
وحكمته ليوم القيامة الأمارات والدلائل التي تدلّ على تبدّل الأحوال، إيذاناً
بالحساب والدخول في اليوم الآخر، فنرى في يوم القيامة الكثير من الأمور غير
المعهودة، كانبساط الأرض حتى تصبح مستويةً تماماً لا ترى فيها عِوجاً ولا أمْتاً،
وانبثاق الحمم من البحار: {والبحر المسجور} (الطور:6)، لكن الملفت للنظر هو جريانُ
سننٍ كونيّة عند حدوث هذا التغيير، فقد هيّأ الله الأسباب لكل مظهرٍ من مظاهر التبدّل،
فإذا تحدّثنا عن السماء، فإن المقدّر أن تفتّح أبواباً وأن تنفطر وتتكشّف، ومثل
هذا الاضطراب والحراك في السماء في مختلف الاتجاهات –كما يميد البحر بالسفن- يهيّء
لمثل هذا الأمر المقدّر من انفطار السماء وتشقّقها، إيذاناً بعظمة الخالق وجبروتِه
ومطلق سلطانه وعظمته.