مصاحف روابط 9 مصاحف
// // //

اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين واغفر لهما ما بقيت السماوات والأرضين امين

 

اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين

https://allahomerhammyfatherandrighteous.blogspot.com/

الأحد، 17 أكتوبر 2021

الجنة دار الأبرار والطريق الموصل اليها الشيخ أبو بكر الجزائري

الجنة دار الأبرار والطريق الموصل اليها  

الشيخ / أبو بكر الجزائري


المقدمة

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة واللام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه .

هذه هي الجنة دار السلام

 يا وفد الرحمن

هذه النوق البيض فامتطوها ؟

كأني بهم وقد قاموا من قبورهم غير مذعورين ، ولا خائفين { لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وتتلقاهم الملائكة : هذا يومكم الذي كنتم توعدون } .

أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال ( والذي نفسي بيده : إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة ، عليها رحال الذهب ، شراك نعالهم نور يتلألأ ، كل خطوة منها مد البصر . وينتهون إلى باب الجنة ) .

وفي القرآن الكريم { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً }

{ وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

يالسعة الدار

ما أوسع دار السلام! وما أطيب ريحها!

 أما عرضها فكعرض السماء والأرض وأما ريحها فيوجد من مسيرة مائة عام ففي الكتاب الكريم { سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله } وفي الحديث الشريف ( فإن ريحها ليوجد من مسيرة مائة عام ).

 

هذه الأبواب أيها الوافدون فادخلوها

 

إن لدار المتقين ثمانية أبواب ، ما بين مصراعي كل باب مسيرة أربعين سنة ، والله ليأتين عليها يوم وهي كظيظ من الزحام .

علمنا أن أحد هذه الأبواب يسمي الريان وهو باب خاص بأهل الصيام .

وعلمنا أيضاً أن حلق هذه الأبواب من ياقوت أحمر على صفائح من ذهب .

رو ى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة أربعين سنة وليأتين عليها يوم وهي كظيظ من الزحام ) وقال مرة صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن وفد الرحمن ( وينتهون إلى باب الجنة فإذا حلقة من ياقوت حمراء على صفائح الذهب ) .

 

ماذا عند باب الجنة

 

عند باب الجنة مباشرة على يمين الداخل أو شماله ، أو أمامه شجرة عظيمة ينبع من أصلها عينان أعدت إحداهما لشرب الداخلين ، والأخرى لاغتسالهم فيشربون من الأولى لتجري نضرة أشعارهم أبداً .

وفي القرآن الكريم { وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } .

وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عند باب الجنة شجرة ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا من الأخرى لم تشعث أشعارهم أبداً ) .

 

مع أفواج الداخلين

 

نترك يا أخي القارئ الآن الكلمة للرسول صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن أفواج الداخلين فاسمع له يقول ( إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتمخطون ، ولا يتفلون . أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الألوة . أزواجهم الحور العين . أخلاقهم على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء ) .

 

وكيف يستقبلون

 

هذا وفد الرحمن يا رضوان فستقبله !

ما إن تطأ أقدامهم أبواب الجنة حتى يستقبلهم بالتهنئة والسلام جموع الملائكة الطاهرين ، وفي مقدمتهم رضوان خازن الجنان .

قال الله تعالى { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ، وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين } .

 

ماذا في القصور ؟

 

الله أكبر الله أكبر ؟

من الذي يقوى على وصف قصورهم ، أو يحسن التعبير عن نعيمهم وسرورهم ، والله مكرمهم ومنعمهم يقول { وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ، عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق ، وحلُّوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } .

إن النبي صلى الله عليه وسلم يا أخي القارئ وحده يمكنه أن يحدثنا بعض الحديث عن تلك القصور ، وما حوت من النعيم المقيم ، فلنستمع إليه في هذا الحديث المقتضب القصير . من حديث له مسهب طويل هذا آخر رجل يدخل الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجداً ، فيقال له : ارفع رأسك مالك ؟ فيقول رأيت ربي ! فيقال له : إنما هو منزل من منازلك ، ثم يلقى رجلاً فيتهيأ للسجود له . فيقال له : مه !! فيقول : رأيت أنك ملك من الملائكة . فيقول له : إنما أنا خازن من خزانك ، وعبد من عبيدك ، فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر ، وهو من درة مجوفة سقافها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها , تستقبله جوهرة خضراء مبطنة ، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها ، كبدها مرآته ، وكبده مرآتها ، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفاً ، فيقال له أشرف فيشرف ، فيقال له : ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك .

 

الهدايا والتحف

 

وإذا ضمت وفد الرحمن القصور ، وانتهوا إلى نعيم غمرهم بالسرور والحبور ، توافدت عليهم جموع الملائكة المهنئة لهم ، وهي تحمل أجمل التحف وأحسن الهدايا ، وتقول " سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار " .

 

يالتفاوت الدرجات

 

سبحان الله ما أعظم تفاوت درجات القوم وما أبعد ما بين قصورهم ومنازلهم تبعاً لكمال إيمانهم في الدنيا وكثرة أعمالهم الصالحة فيها .,

روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم ، قالوا يا رسول الله : تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ، قال بلى ، والذي نفسي بيده[1] رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) .

 

نظرة على أرض الجنة

 

ما تظن يا أخي . في أرض ؟ هل هي من تراب أبيض أو أحمر ، وهل حصباؤها من حجارة ملونة جميلة ، وهل جدران مبانيها من لبن في غاية الحسن والجمال ، وهل الطين الذي يوضع بين اللبنات لرصفها وإحكامها من مزيج الرمل الأبيض والإسمنت الأزرق الناعم

أعلم ي أخي القارئ إنه لا يستطيع أحد أن يجيبك عن تساؤلاتك هذه إلا من شاهد الجنة وعاش فيها ساعة كرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وها هم هؤلاء أصحابه يسألونه عنها ويقولون : حدثنا يا رسول الله عن الجنة ما بناؤها ؟ كما روى ذلك أحمد والترمذي فيقول : ( لبنة من ذهب ولبنة من فضة و ملاطها ( الطين ) المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران من يدخلها

ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ) .

 

إلى جنة عدن

 

جنة عدن ، وما أدراك ما جنة عدن ، دار كرامة اولياء ، ومنزل الأبرار منهم .:

ما بالك يا أخي بدار بناها الله ، وبستان غرسه الله ، وبنعيم أعده الله لمن اطاعه وما عصاه .

ولا يشفي صدرك يا أخي ، بالحديث عنها سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسمع إليه وهو يقول كما روى ذلك الطبراني بسند جيد ( خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ، ولبنة من ياقوتة حمراء ، ولبنة من زبرجدة خضراء ، وملاطها المسك ، وحشيشها الزعفران ، حصباؤها اللؤلؤ ، ترابها العنبر ، ثم قال لها انطلقي ، قالت : ( قد افلح المؤمنون ).

 

في الخيام

 

في الجنة خيام قطعاً لقول الله تعالى { حور مقصورات في الخيام } ولكن ما نوع هذه الخيام ، وما شكلها ؟ وما هي مادة تكوينها ، وما مدى حسنها وجمالها .

وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة منها فقال ( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من الؤلؤة مجوفة ، طولها في السماء ستون ميلاً ، وعرضها ستون ميلاً للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً ) .

 

من الخيام إلى السوق

 

سبحان الله هل في الجنة أسواق ! وكيف لا ! والله تعالى يقول { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون } فليس من المستغرب إذاً أن تتوق نفس أحدهم في الجنة إلى دخول سوق من الأسواق وخاصة التجار المؤمنين الذين كانوا يربحون في أسواق الدنيا ويربحون ، فيطلب ذلك ويدعيه ، فيخلق الله تعالى لهم أسواقاً يغشونها إتماماً للانعام في دار النعيم وهذا مسلم يخرج لنا حديث السوق في الجنة فيقول : إن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثوا في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً ، فتقول لهم أهلوهم ؛ والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً ، فيقولون ، وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً ).

بين الأنهار والأشجار

 

هات يدك – أخي القارئ – نتجول قليلاً بين أنهار الجنة وأشجارها ، ونمتع النفس ساعة في ذلك النعيم المقيم هيا بنا إلى الأنهار الأربعة التي هي أصل كل نهر في الجنة ، التي هي نهر الماء ، ونهر اللبن ، ونهر الخمر ، ونهر العسل كما أخبرنا بذلك ربنا جل جلاله في قوله من سورة محمد صلى الله عليه وسلم { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى } .

وإلى الكوثر يا أخي ، إلى حوض النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فإنه من أعظم أنهار الجنة وأحسنها . فقد حدث عنه مرة صلى الله عليه وسلم كما روى ذلك البخاري فقال ( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال هو الكوثر الذي أعطاك ربك . قال فضرب الملك بيده فإذا طينة مسك أذفر ).

وقال مرة أخرى في رواية الترمذي : ( الكوثر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ،وماؤه أحلى من العسل ،وأبيض من الثلج ) .

هذه هي الأنهار قد وقفنا عليها ، وروينا النفس بالحديث عنها ، فهيا بنا إلى الأشجار وثمارها . وليرو لنا أمام الحديث البخاري طرفاً منها فلنستمع إليه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ) لا يقطعها ؛ إن شئتم فاقرأوا { ظل ممدود ، وماء مسكوب } .

ويحدث ابن عباس رضي الله عنهما عن هذا الظل الممدود فيقول : شجرة في الجنة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مائة عام في كل نواحيها ، فيخرج أهل الجنة ، أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها ، فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا ، فيرسل الله تعالى ريحاً من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا روى هذا الترمذي وحسنه ، وروى الحاكم وصححه قوله : نخلة الجنة جذعها من زمرد أخضر وكربها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة . منها مقطعاتهم , وحللهم ، وثمرها أمثال القلال والدلاء ، أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، وألين من الزبدة ليس فيها عجم .

 

إلى مطاعم الجنة

 

وهل في الجنة مطاعم ؟

نعم فيها مطاعم ومشارب ، ولا ينبئك مثل القرآن واسمع إليه يحدثك ويصف لك من ذلك الكثير . ففي سورة الإنسان يقول : { ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ، قوارير من فضة قدروها تقديراً ، ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً ، عيناً فيها تسمي سلسبيلاً } وفي سورة الزمر يقول قال الله تعالى { يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ، ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ، يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، وأنتم فيها خالدون } .

وفي سورة الواقعة يقول { يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون ،وفاكهة مما يتخيرون ،ولحم طير مما يشتهون}

ويتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الجنة في أكلهم وشربهم ، واصفاً لهم فيقول ( أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتمخطون ولا يتغوطون ولا يبولون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك ، يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس ) ويقول صلى الله عليه وسلم ( إن أسفل أهل الجنة أجمعين من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم مع كل خادم صحفتان ، واحدة من فضة ، وواحدة من ذهب . في كل صحفة لون ليس في الأخرى مثلها ، يأكل من آخره كما يأكل من أوله ، يجد لآخره من اللذة والطعم ما لا يجد لأوله ، ثم يكون بعد ذلك رشح مسك وجشاء ، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ) .

 

الحلي والحلل

 

هل تريد أخي القارئ – أن تعرف شيئاً عن حلي أهل الجنة وحللهم ؟ فأتركك للقرآن الكريم يصف لك طرفاً من ذلك فاسمع إليه في سورة الكهف يقول { أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك } وفي سورة الإنسان يقول { عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق وحلوا أساور من فضة } وفي الحج يقول عنهم { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير } .

أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يصف ذلك النعيم العظيم فيقول : ( من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، في الجنة مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ويقول ( ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى فتفتح له أكمامها فيأخذ من أي ذلك شاء ،إن شاء أبيض وإن شاء أحمر، وإن شاء أخضر وإن شاء أصفر ، وإن شاء أسود مثل شقائق النعمان وأرق وأحسن).  

 

السرر والأرائك

 

إن نعيم جنات دار النعيم يعظم – يا أخي – على الوصف ويقصر دونه الضبط والحصر ، وكيف يحصر مالا يفني ولا يبيد ، وكيف يوصف مالا يدرك كنهه ولا يعرف أوله ولا آخره .

قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قول الله تعالى { متكئين على فرش بطائنها من استبرق } وقال : لقد أخبرتم بالبطائن فكيف بالظواهر ؟ .

وقيل في قوله تعالى : { وفرش مرفوعة } : لو طرح فراش من أعلاها لهوى إلى قرارها مائة خريف .

لنترك – يا أخي القارئ – الكلمة للقرآن الكريم يحدثنا عن أسرة القوم وأرائكهم ، فمن سورة الواقعة يقول : { والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين } ومن سورة الرحمن يقول { متكئين على فرش بطائنها من استبرق } ويقول { متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً } ومن سورة الغاشية يقول { وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية لا تسمع فيها لا غية فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة } .  

 

مع الحور العين

 

إليك يا أخي كلمات قليلة من القرآن تتحدث عن نساء دار السلام جعلني الله وإياك من سكانها فاصغ إليها في إجلال وخشوع { إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً عرباً أترابا لأصحاب اليمين } { فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } { وعندهم قاصرات الطرف أتراب هذا ما توعدون ليوم الحساب } { إن للمتقين مفازاً حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأساً دهاقاً } .

وبعد فإلى الرسول صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن هذا النعيم المقيم ويكشف لنا الستار عن بعض هؤلاء الحور لنزداد مقة وعشقاً ولنستحث الخطى إلى الوصول إلى العيش بجانبهن ، حدث مرة رسول الله قال ( لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم أو موضع سوطه من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً ولأضاءت ما بينهما ، ولنصفيها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ) .

وقال مرة ( إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء ، ولكل امرئ منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم وما في الجنة أعزب ) .

ويقول : ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرقت لملأت الأرض ريح مسك ولذهب ضوء الشمس والقمر ) .

 

شيء من الغناء والطرب

 

تعال يا أخي نطرب ساعة قبل يوم الساعة يروي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( إن في الجنة لمجتمعاً لحور العين يرفعن بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها يقلن : ( نحن الخالدات فلا نبيد ) و ( نحن الناعمات فلا نبأس ) و ( نحن الراضيات فلا نسخط ) ( وطوبى لمن كان لنا وكنا له ) وإليك أخي القارئ مجتمعاً آخر لحور العين يا له من مجتمع عجيب !! دونك النهر على حافتيه صفوف الحور العين يغنين بأصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرون في الجنة لذة مثلها ) وقيل لأبي هريرة وما ذاك الغناء فقال ( إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس والثناء على الرب عز وجل ) .

 

خيل في الجنة

 

إلى عشاق الخيل والمولعين بركوبها وامتطاء صهواتها نعيماً آخر تلذونه وتسعدون به إنه يوجد لكم خيول في الجنة من الياقوت الأحمر لها أجنحة تطير بكم حيث شئتم قال عبد الرحمن بن ساعدة رضي الله عنه كنت رجلاً أحب الخيل فقلت يا رسول الله هل في الجنة خيل ؟ فقال ( إن أدخلك الله يا عبد الرحمن ، كان لك فيها فرس من الياقوت له جناحان تطير بك حيث شئت ) وقال فداه أبي وأمي صلى الله عليه وسلم ( إن[2] في الجنة لشجراً يخرج من أعلاها حلل ومن أسفلها خيل من ذهب مسرجة ملجمة من در وياقوت لا تروث ولا تبول لها أجنحة خطوها مد البصر تركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاءوا فيقول الذين أسفل منهم درجة ، يا رب بم بلغ عبادك هذه الكرامة كلها ، فيقال لهم كانوا يصلون بالليل وكنتم تنامون وكانوا يصومون وكنتم تأكلون وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون ) .

 

معهم في تزوارهم

 

إذا كان لأهل الجنة ما تشتهي أنفسهم فيها ولهم فيها . ما يدعون فأي شيء أشهى على النفس من زيارة إخوان كان يربط بينهم في الدنيا حب الله والسير في الطريق إليه .

وعليه فهل تحصل زيارات في الجنة يسرون بها وينعمون على تفاوتهم في الدرجات ، وارتفاع المنازل ، وعلوا المقامات ؟ نعم يا أخي القارئ الكريم ولم لا يكون لهم ذلك وكيف لا وقد علمت أن لهم فيها ما تشتهي أنفسهم وما يدعون ولنسمع إلى البزار رحمة الله تعالى يروي لنا في ذلك الحديث النبوي التالي : ( إذا دخل أهل الجنة فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض فيسير سرير هذا إلى سرير هذا ، وسرير هذا إلى سرير هذا حتى يجتمعا جميعاً فيتكئ هذا ، فيقول أحدهما لصاحبه : أتعلم متى غفر الله لنا ؟فيقول صاحبه :نعم ،يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله تعالى فغفر لنا ).

أما أبو هريرة رضي الله عنه فيروي لنا ويقول : إن أهل الجنة ليزاورون على العيس الجون ، عليها رجال الميس يثير مناسمها غبار المسك ، خطام أو زمام أحدهما من الدنيا وما فيها .

 


أكرم زيارة

 

أية زيارة أكرم يا أخي ، وأية زيارة أعظم ، وأية زيارة أشهى على النفس وأحب لها من تلك التي هي زيارة الرب تبارك وتعالى !!

روى أبو نعيم في حليته عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( إذا سكن أهل الجنة الجنة أتاهم ملك فيقول لهم :إن الله يأمركم أن تزوروه فيجتمعون ، فيأمر الله تعالى داود عليه السلام فيرفع صوته بالتسبيح والتهليل ثم توضع مائدة الخلد ، قالوا يا رسول الله وما مائدة الخلد ؟ قال : زاوية من زواياها أوسع مما بين المشرق والمغرب فيطمعون ، ثم يسقون ، ثم يكسون ،فيقولون لم يبق إلا النظر في وجه ربنا عز وجل ، فيتجلى لهم فيخرون سجداً فيقال لهم : لستم في دار عمل ، إنما أنتم في دار جزاء ) .    

 

سلام عليكم

 

بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم فقال : سلام عليكم يا أهل الجنة .

وهو قول الله تعالى من سورة يس { سلام قولاً من رب رحيم } فلا يتلفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ماداموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ، وتبقى فيهم بركته ونوره .

 

نعيم لا يوصف

 

إن نعيماً وعد الله به أهل وفادته ، ودار كرامته لا يستطيع امرؤ وصفه مهما كان لسناً ذا بيان فضلاً عن أن يعده أو يحده ، يقول الله تعالى فيه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : ( لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ومصداق هذه في القرآن الكريم ) { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } .

 

إلى أعظم نعيم

 

{ ورضوان من الله أكبر }

هكذا يقول الله تعالى في كتابه العزيز { ورضوان من الله أكبر }

فقد ذكر تبارك وتعالى ما أعده لأوليائه وأهل وفادته من النعيم المقيم في جنات عدن ثم قال بعد ذلك النعيم العظيم { ورضوان من الله أكبر } فعلم أن رضاه سبحانه وتعالى من عباده هو أكبر نعيم يلقونه في دار الإكرام والإنعام .

وهذا الإمام البخاري رحمه الله يروي لنا حديث أكبر الإنعام فيقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة ، يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، والخير بيديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ، فيقولون : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ( فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول ، أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ) اللهم اجعلنا من أهل طاعتك ومحبتك ورضوانك آمين .

 

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .


وهذا هو الطريق

 

هذا هو الطريق أيها السائرون !

فإلى الجنة دار النعيم التي عرفها لكم .

وهذا هو طريقها واضحا معبداً عليه أعلامه ، وفوقه أنواره وها أنتم في مبتداه فسيراً حثيثاً إلى منتهاه حيث أبواب الجنة مفتحة أيها السالكون !!

إليكم الطريق كما رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوليه :

( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ) .

( كلكم يدخل الجنة إلا من أبى ، قيل : ومن يأبى يا رسول الله ؟ فقال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) إنه عليه الصلاة والسلام في هذين الحديثين قد بين الطريق ورسمه واضحاً لكل ذي بصيرة فهلم أيها الإخوان لنسير سوياً ، أخوانا متحابين وأصدقاء متعاونين فهيا بنا هيا بنا !!

واسمحوا لي أن أتقدمكم رائداً لكم لأصف طريقكم إلى جنة ربكم ، ودار إقامتكم وكرامتكم .

 

إن الطريق أيها الإخوة السائرون بين أربع كلمات : إثنتان سالبتان ، وإثنتان موجبتان . فالسالبتان : الشرك والمعاصي ، والموجبتان : الإيمان والعمل الصالح .

ومن هذه الكلمات الأربع يتكون الطريق القاصد إلى الجنة دار الإقامة والكرامة .

وهاهو ذا قد أشير إليه بكلمتي لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، إذ الأول تعني أنه لا معبود بحق إلا الغفور الودود ، فليعبد وحده بالإيمان واليقين ، والطاعة له ولرسوله بالصدق والإخلاص الكاملين .

والثانية تعني أن النبي محمداً هو الرسول الخاص ببيان كيف يعبد الله وحده في هذه الأكوان ، وأنه لا يتأتى لأحد أن يعبد الله بدون إرشاده صلى الله عليه وسلم وبيانه .

والآن أيها الإخوة السائرون فلنسلك الطريق مسترشدين بإشارة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

*** فلنعتقد جازمين أن خالقنا هو الذي خلق هذه العوالم ودبرها بقدرته وعلمه ، ومشيئته وحكمته ، وفيها تجلت صفاته العلى وأسماؤه الحسنى ، فبقدرته تعالى كانت هذه الأكوان ، وبعلمه تعالى اتحد وجودها وانتظم شأنها ، وسارت إلى غاياتها في نظام محكم بديع .

*** ولنعتقد جازمين أنه لا وجود لمشارك لله تعالى في خلق هذه العوالم ولا مدبر لها معه سواه؛إذا لو كان ذلك لظهر في العوالم التضارب والتناقص ،ولأسرع إليها الفناء والزوال{قل لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا ، فسبحان الله رب العرش عما يصفون}.

*** ولنعتقد جازمين أنه متى لم يكن لله تعالى شريك في الخلق والتدبير فإنه لا يكون له شريك في الطاعة والعبادة ، فلا ينبغي أن يعبد معه أحد أبداً سواء كان ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً ، أو دون ذلك . من سائر المخلوقات . وسواء كانت العبادة صلاة أو دعاء ، أو صوماً أو ذبحاً ، أو زكاة أو نذراً ، لو طاعة في معصيته تعالى بتحريم ما أحل أو تحليل ما حرم أو ترك ما أوجب أو فعل ما حرم .

*** ولنعتقد جازمين أن حاجة الناس إلى الرسل في بيان الطريق إلى الجنة اقتضت إرسالهم ، وإنزال الكتب عليهم ومن هنا وجب تصديق كافة الرسل وإتباعهم ووجب الإيمان بالكتب والعمل بما فيها مما لم ينسخه الله تعالى بغيره من الشرائع والأحكام كما وجب الإيمان بالملائكة ، والقدر والمعاد والحساب والجزاء . بهذه النقاط الأربع المشتملة على الإيمان الصحيح كنا قد قطعنا ربع الطريق إلى الجنة ، أيها السائرون فإلى الربع الثاني وهو العمل الصالح .

*** فلنقم الصلاة بأن نتطهر لها طهارة كاملة ، ونؤديها في أوقاتها في جماعة أداء وافياً مستوفين كافة الشروط والفرائض والسنن والآداب فنوافق بها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .

*** ولنؤت زكاة أموالنا أهلها من الفقراء والمساكين والغارمين والمجاهدين ولنتحر في إخراجها الجودة والكمال والإخلاص الكامل فيها لله تعالى .

*** ولنصم رمضان بالإمساك عن المفطرات والبعد عن المتشابهات والمحرمات في الأقوال والأفعال والخواطر والنيات .

*** ولنحج بيت الله حجاً كحج رسول الله صلى الله عليه وسلم موسوماً بالبرور وذلك بأدائه أداء صحيحاً خالياً من الرفث والفسق والجدال محفوفاً بالخيرات مفعماً بالصالحات .

*** ولنبر الوالدين بطاعتهما في غير معصية الله ، وبالإحسان اليهما ببذل المعروف وإسداء الجميل من القول والفعل ، مع كف الأذى عنهما ولو كان ضجراً منهما ، أو عدم رضا عنهما .

*** ولنصل أرحامنا ببرهم وزيارتهم ، والسؤال عنهم ، والتعرف إلى أحوالهم ومساعدتهم بما في القدرة وما هو مستطاع .

*** ولنحسن إلى الجيران بإكرامهم المتمثل في الإحسان إليهم وكف الأذى عنهم .

*** ولنكرم الضيف إكرامه الواجب له بإطعامه وإيوائه .

*** ولنكرم المؤمن بتحقيق أخوته القائمة على أساس أداء حقوقه من السلام عليه عند ملاقاته ، وتشميته عند عطاسه . وتشييع جنازته عند مماته ،وعيادته إذا مرض ، وإبرار قسمه إذا أقسم .

*** ولنعدل في القول والفعل والحكم إذ العدل في الكل واجب محتم ، وبه يستقيم أمر الدين والدنيا ، ويصلح شأن العباد والبلاد .

وإلى هنا تم نصف الطريق أيها السائرون ، ولم يبق إلا نصفه الآخر ، هو ترك الشرك والمعاصي فلنواصل السير في غير كلل ولا ملل ولنترك الشرك وذلك :

بأن لا نعتقد أن مخلوقاً من المخلوقات كائناً من كان يملك لنفسه أو لغيره ضراً أو نفعاً بدون مشيئة الله وإذنه ، وعليه فلنحرص رغبتنا في الله فلا نرغب في أحد سواه فلا نسأل مخلوقاً ولا نستشفع أو نستغيث بآخر ، إذ لا معطي ولا مغيث إلا الله . فلنقصر رغبتنا فيه ، ورهبتنا وخوفنا منه .

بأن لا نصرف شيئاً من عبادة الله تعالى إلى أحد سواه ؛ فلا نحلف بغير الله ولا نذبح على قبر ولي من أولياء الله ، ولا ننذر نذراً لغير الله ، ولا ندعو غير الله ولا نستغيث بسواه .

وبأن لا نعلق خيطاً أو عظماً أو حديداً نرجو بها دفع العين أو كشف الضر ، فإنه لا يدفع العين ولا يكشف الضر إلا الله .

وبأن لا نصدق كاهناً أو عرافاً أو منجماً فيما يخبر به ويدعيه من علم الغيب ؛ إذ لا يعلم الغيب إلا الله .

وبأنه لا نطيع حاكماً أو عالماً أو أباً أو أماً أو شيخاًَ في معصية الله ، إذ طاعة غير الله بتحريم ما أحل الله ، أو تحليل ما حرم شرك في ربوبية الله .

بهذه الخطوات الخمس أيها السائرون قد قطعنا نصف المسافة المتبقية ولم يبق إلا نصفها الآخر وهو ترك المعاصي وبعدها نصل إلى باب الجنة وندخلها إن شاء الله مع الداخلين فهيا بنا نواصل سيرنا أيها السالكون .

*** فلنحفظ الدماغ فلا نفكر فيما يضر ، ولا ندبر ما يسوء من فساد أو شر .

*** ونحفظ السمع فلا نسمع باطلاً من سوء أو فحش ، أو كذب أو غناء ، أو غيبة ، أو نميمة ، أو هجر أو كفر .

*** ونحفظ البصر فلا نسرحه في النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من أجنبية غير محرمة مسلمة أو كافرة ، عفيفة أو فاجرة .

*** ونحفظ اللسان فلا ننطق بفحش أو بذاء ، ولا سوء أو كذب أو زور ، أو غيبة أو نميمة أو سب أو شتم أو لعن من لا يستحق اللعنة .

*** ونحفظ البطن فلا ندخل فيه حراماً طعاماً كان أو شراباً فلا نأكل ربا ولا ميتة ولا خنزيراً ، ولا نشرب مسكراً ، ولا ندخن تبغاً ولا تنباكا .

*** ونحفظ الفرج فلا نطأ غير زوجة شرعية أو مملوكة سرية أباح الله وطئها وأذن فيه .

*** ونحفظ اليد فلا نؤذي بها أحداً بضرب أو القتل ، ولا نأخذ بها مالاً حراماً ولا نلعب بها ميسراً ولا نكتب بها زوراً أو باطلاً .

*** ونحفظ الرجل فلا نمشي بها إلى لهو أو باطل ، ولا نسعى بها إلى فتنة أو فساد أو شر .

*** ونحفظ العهد ، والشهادة والأمانة ، فلا نخفر ذمة ولا ننكث عهداً ، ولا نخلف وعداً ، ولا نشهد زوراً ولا نخون أمانة .

*** ونحفظ المال فلا نبذره ، ولا نسرف فيه ، كما لا نهمله ولا نضيعه ، أو نتركه بدون إنماء أو صلاح .

*** ونحفظ الأهل والولد في أبدانهم وعقولهم وعقائدهم وأخلاقهم فندفع عنهم ما يؤذيهم أو يضرهم أو يفسد أرواحهم ، أو عقولهم وندرأ عنهم كل ما يردي أو يهلك ويشقي .

 

وإلى هنا انتهى الطريق أيها السائرون فدونكم الجنة دار السلام فتهيأوا للدخول منتظرين رسل ربكم متى تصل إليكم حاملة استدعاء ربكم المنعم الكريم لتفدوا عليه وتحطوا الرحال بساحته . ويومها يفرح ، المتقون

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .



[1] - هذا كقوله تعالى : { سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله }

[2] - تنبيه : جميع أحاديث هذه الرسالة خرجها المنذري في الترغيب وما فيها حديث غير مقبول قط 

 

هــــل تـريدين الجنــة؟ ندا أبو أحمد

 

     



هــــل تـريدين الجنــة؟ ندا أبو أحمد
 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم
 

 

 أختاه هل تريدين الجنة ؟

------------------------


وما أظنك إلا كذلك فلتسمعي النصيحة والعتاب من أخ يرجو لك حسن الثواب ويخشى عليك من العذاب ولا تغضبي فالحق أولى أن يجاب فهذه محض نصيحتي لك قصدت بها نفعك ودفع ما يضرك والدين النصيحة

( إن أريد إلا الإصلاح ما استعطت وما توفيقي إلا بالله  ) .

 

فبصوت الأخ المشفق وكلام الناصح المنذر أقول لك :-

أختــــاه قفي مـــــع نفســـــــــك لحظة صدق وقولي لها يا نفس ........................

كيف أنت منى غداٌ وقد رأيت ركاب أهل الجنة يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم .

كيــــــف بـــــــك وقد حيــــــــــل بينـــــــك وبينــــــــــهم . هل سينفـــــــــع النـــدم ؟

هــــــــل ستغـــــــنى الحســــــــرات ؟ أم هــــل سينفع طلب الرجوع عند الممـات .

 

يا نفس ....

أما نظرت اعتبرت بمن هم تحت الثرى من أهل الدنيا كيف كانوا وكيف صاروا . كيف جمعوا كثيرا فصار جمعهم بورا , وبنوا مشيدا فأصبح بنيانهم قبورا , وأملوا بعيداٌ فصار أملهم غروراٌ , افتظنين أنهم دعوا إلى الآخرة وأنت من المخلدين . أما لك إليهم نظرة ؟! أما لك بهم عبرة ؟

ويحك يا نفس ما أعظم جهلك أما تعرفين أن بين يديك جنة أو نار وأنت سائرة إلى إحداهما فما لك تمرحين وتفرحين وباللهو تنشغلين وأنت مطلوبة لهذا الأمر الجسيم فعساك اليوم أو غداٌ بالموت تختطفين

 

يا نفس ....

كيــــف بـــــك إذا جاءتك السكـــــــرات وبلغــــــت الــــــروح منــــــــك التـــــــراق ؟

كيف وقد صــار إلى الله المساق يا لهـــــف نفسي أم كيف بك إذا وقفت مع العباد يوم التـــلاق

(يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء) (يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها )

ليتني أعرف بأي رجل سأخطو إليه إذا نوديت على رؤوس الأشهاد ؟

وبأي بدن ســأقف بين يديه يوم التناد ؟ وبأي لســـــان سأجيب علية ؟

ما حـيلتي وقد حل القضاء وكيـــــف احتيالي إذا شهـــدت الأعضاء ؟

مــــــــن سيلهمــــــــــني حجـــــتي ؟ مـــــن سيــــــــــــدافع عــــــنى؟

قد تبرأ الأصحاب .... فلا أصحاب . وتقطعت الأسباب ... فلا أنساب

الـــــدنيـــــا الغـــــــــــرارة قد ولت عنى والشيطان الرجيم تبرأ مني .

كيـــــف لم أقــــــــم لله حســـــــــابـــــاٌ ؟! ولم أخـــــــــش له عقاباٌ؟!            

من لي إذا حجبت في ذلك اليوم عن ربي ؟ فلم يزكيني ..... ولم ينظر إلى ... ولم يكلمني .

 

 

    من لي إذا نادى المنادي بمن عصى      إلى أين إلجائي؟ إلى أين أهرب؟

    فيا طول حزني ثم يا طول حسـرتي           لإن كنت في قعر جـــهنم أعذب.   

 

إنها النار..........يا نفس إنها النار فهل لك قدرة على النار؟ أم هل لك صبر على غضب الجبار؟ ويبقى هنا سؤال هل أنتهي بي الأمل؟ هل كتب علي أن أجازى بسوء العمل؟ لا وربي بل لا يزال في العمر فسحة. وباب التوبة مفتوح ؟

فدعيني يا نفس ! دعيني أمضي بما تبقى من إيماني لعل الله أن يلحقني بأهل الجنة .

دعيني أبادر اليوم بعدما فرطت في أمسى......دعيني قبل أن تغيب عن الدنيا شمسي .

 

         يا نفس قد أزف الرحيل             وأظـــلك الخـطب الجليل

         فتأهبي يا نفس لا يلـعب         بـــــــك الأمـل الطـــويل

             فلتنــزلـــن بمنزل ينسي            الخـــــليل فيه الخــــــليل

             وليــركبن عــــــليك فيه             مــن الثــــــرى ثقل ثقيل

 

فانظري يا نفس واعتبري بمن سكن القبور بعد القصور واعلمي أن الفرصة واحـدة لا تتكرر فإذا جاءت السكرة فلا رجعة ولا عودة فأنت في دار المهلة فجاهدي قبـــل النقلة قبل أن تقولي

( رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ) .

أو (تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة – رجعه- فاكون من المحسنين ) .

يا نفس ....

هي جنة أو نار ..... فوز أو خسار .......نعيم أو جحيم ......سعادة أو عذاب .........

كأنك بالتعـــــب قـــــد مضى وبذر الصبر قـــــــد أثمر حلاوة الرضا ......ثم ماذا ؟

جنات تجري من تحتها الأنهار فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر... من يدخلها لا يفنى شبابه ولا تبلى ثيابه ......ينعم ولا ييأس .......يحيا ويموت..... هناك حيث اللذة ..... حيث الحبور ...... حيث النعيم ..... والسرور ..... والحور .

 

(  فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون  )

      

      هناك حيث نرى الله رب العالمين .................. ونلقي سيد المرسلين .

 

لذلك أدعوك أختاه أن تتذكري  .

 


أختاه ........................ تذكري

 تذكري

 

أن الله لم يخلقك عبثا ولم يتركك سدي بل أن الله خلقك لغاية جليلة ألا وهي عبادته قال

الله تعالى

 ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون  ) .

والله سبحانه وتعالى أوجدنا في هذه الدار للاختبار فبعد انقضاء الأعمار الكل سيقف بـين يديه ليس بينه وبين الله حجاب فيسأله عن الصغير والكبير والنقير والقطمير.

قال تعالى في الحديث القدسي :

( يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا

فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )     أخرجه مسلم

   

       أختاه ..........تذكري أن الموت قادم 

 

قال تعالى:

 ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار فقد فاز  وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) .

ولك أن تتخيلي أيتها الأخت الفـــاضلة أن ملك المـوت قد دخل عليك الآن وسينادي عليك ويقول

( يا أيتها النفس الـ....................) وأنت بين تلك الكربات وتلك الحسرات تسألي نفسك يا ترى بأي نداء سوف ينادي علي ؟

هل سيقول يا أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ؟

أم سينادي ويقول يا أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب؟!

فـــإذا جــــــاء النداء الأول فذاك هو الفوز الذي لا فوز بعده وتلك هي البشرى التي لا تدانيها الـدنيا بما عليها وأما إذا جاء النداء الثاني عياذاً بالله فتلك هي الحسرة التي لا تدانيها حسرة في هذه الدنيا .

المـــوت باب وكل الناس داخلة            يا ليت شعـري بعد المـوت ما الــدار

الـــــــدار جنــــة خلد إن عملت            بما يــرضي الإله وإن خالفـت فالنار

هــــما محلان ما للناس غيرها              فــانظـــر لنفسـك أي الـــــــدار تختار

 

أختـــاه اختاري لنفسك قبل ألا تستطيعي فأمامك الفرصة والسوق مقامه ( الدنيا )  ومعك رأس مــــــالك ( عمرك ) .

 

 

وكان يزيد الرقاشي يحدث نفسه ويقول ( ويحك يا يزيد من ذا الذي يصلي عنك  بعد الموت ؟

ومن الذي يصوم عنك بعد الموت ؟ من ذا الذي يترضى عنك ربك بعد الموت ثم يقول : آيها الناس ألا تبكون وتنحون على أنفسكم باقي حياتكم ؟ من الموت مصرعه والتراب مضجعه، والدود آنيسه ومنكر ونكير جليه ، والقبر مقره ، وبطن الأرض مستقره ، والقيامة موعده والجنة والنار مورده كيف يكون حاله ؟ ثم يبكي حتى يسقط مغشيا عليه.

 

       أختاه ............... تذكري لحظة دخولك القبر

عنـــدما يأتيك ملكان فيسألانك من ربك ؟ وما دينك ؟ وماذا تقولين في الرجل الذي بعـــــــث فيكم؟ فمن عاشت في طاعة الله غير متبرجة بزينة فتقول بلسان الواثق بوعد الله ربي الله  وديني الإسلام  ومحمد رسول الله فيفسح لها في قبرها مد البصر وتفتح لها باب من أبواب الجنة ويأتيها من روحها ونعيمها أما الأخرى العاصية المتبرجة والتي جعلت إلهها هواها يأتيها الملكان فيسألانها من ربك ؟ وما  دينك؟ وماذا تقولين في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يجدوا منها إجابة إلا قولها هــا .....ها.....ها....لا أدري فيضيق عليها قبرها حتى تختلف أضلاعها ويفتح لها باب من النار فيأتيها من حرها وسمومها .

 

العين تبكي على الدنيا وقد علمت       أن الســــلامة فيها تـرك ما فيها

لا دار للمرء بعد المــوت يسكنها        إلا التي كانت قبل الموت يبنيها

فــلا تركن إلى الـدنيا وزخرفهــا        فأن الموت لا شك يفنينا ويفنيها

 

أختاه .......... تذكري ...... شدائد يوم القيامة

فكيف بك يا أمة الله إذا رجعت الأرض وبست الجبال وشخصت الأبصار وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسها وتقطعت الأسباب وزفرت النار فشاب الصغير وصاح الكبير وشيبتاه وصاح المفرط وخيبتاه وأزفت الآزفة وبلغت القلوب الحناجر وتوالت المحن على العباد ونودي باسمك من بين الخلائق للحساب أين فلانة بنت فلان ؟ هلمي إلى العرض على الله عز وجل فوثبتي على قدميك ترتعد فرا نصك وتضطرب جوارحك متغير لونك فزعه مرعوبة من الوقوف بين يدي الله الواحد القهار للسؤال والحساب فبأي لسان تجيبينه حين يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك عندما كنت متبرجة وبأي قدم تقفين غداً بين يديه وبأي نظر تنظرين إليه وبأي قلب تتحملين كلامه العظيم الجليل ومساءلته إياك يوم يقول لك يا أمة الله جسمك لماذا عــريتيه ؟ ولماذا لم تستريه ؟ لماذا لم تتقي الله فيه ؟ والشباب لماذا فتنتيه؟ أما أجللتيني ؟ أما استحييت مني ؟ ما حالك عندها يا أمة الله أين عدتك أيتها الغافلة كم في كتابــــك من حسنات وكم فيه من السيئات هل تنفع الأزياء والموديلات وهل تنفع الأغاني والمسلسلات . فتأملي هذا اليوم وكيف سيقف الناس في أرض المحشر خمسين ألف سنة حفاة عراة غرلاً لا طعام ، ولا شراب,  ولا ظل تدنو فوق رؤوسهم الشمس قدر ميل فهو أعظم يوم تنكشف فيه العورات ويؤمن فيه مع ذلك النظر والالتفات.

أخرج الأمام مسلم من حديث عائشة قالت :-

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً.

قلت : يا رسول الله النساء والرجال جميعا ًينظر بعضهم إلى بعض ؟

قال :  يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض .

                                               

فيا من أبيت إلا التعري ستقفين عارية يوم القيامة كيوم ولدتك أمك ومع ذلك لا يأبه بـــك ولا يلتفت إليك فالآمر خطير جد خطير.

ويا من أطلقتَ عينك لتنهش في أجساد وعورات النساء ستقف بينهن يوم القيامة وهن عـرايا ولكنك لا تستطيع النظر إليهنّ لأَنك ساعتها مشغول بنفسك .

        

(  يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم . يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعـت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد).

 

أختاه ......تذكري مجيء جهنم

أخرج الإمام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال : قال رسول الله صلى  الله عليه وسلم

( يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ) .

فيا له من مشهد مهيب تنفطر منه القلوب ...فإذا جيء بجهنم زفرت زفرة فلا يبقى ملــك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثي على ركبتيه والكل يقول اللهم سلم سلم ......... والكل يقول نفسي نفسي  حتى أن عيسى بن مريم عليه السلام يقول من هول ذلك اليوم لا اسأله اليوم إلا نفسي لا اسأله مريم التي ولدتني.  

تفسير بن كثير

 

يقول الحق تبارك وتعالى :

 ( كلا إذا دكت الأرض دكا دكا. وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى . يقول يا ليتني قدمت لحياتي ) . (الفجر)

تأملي معي هذه الحسرة الشديدة لكل من فرط في طاعة الله جل وعلا إذا رأى جهنم فإنه يصرخ ويقول

( يا ليتني قدمت لحياتي ) كلمة يقولها كل من فرط في الصلاة وكل من عق والديه وكــــــل من ظلم العباد وتقولها كل من تركت حجابها وخرجت سافرة متبرجة ناسية قول الله جل وعلا.

(يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفور رحيما ً) .  ( الأحزاب)

تذكري أنها النار يا أختاه التي أوقد عليها ألف عام حتى احمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي الآن سوداء مظلمة !! لو القي حجر فيها لظل يهوى سبعين خريفا حتى ينتهي إلى قعرها فاتقوا النار فإن حرها شديد ومقامعها حديد وقعرها بعيد.

 

        تذكري أن نعيم الدنيا كله لا يساوي غمسة في جهنم .

                                               

أخرج مسلم من حديث أنس – رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقول : هل رأيت خيراَ قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا والله يا رب ؟ ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهـــل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا أبن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟  فيقول لا والله ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط ).

أختاه ......... ( أعلمي انك ستموتى وحدك ......وستحشري وحدك.....وستبعثي وحدك ..... وستحاسبي وحدك وأعلمي لو أن أهل الأرض جميعا ً أطاعوا الله وعصيت أنت فلن تنفعك طاعتهم) .

واعلمي لو أن أهل الأرض جميعا عصوا الله وأطعت أنت فلن تضرك معصيتهم

أختاه............. ذنبك ..... ذنبك إنما هو دمك ولحمك .

فإن سلمت من ذنبك سلم لك دمك ولحمك وأن تكن الأخرى فإنما هى نار لا تطفأ وجسم لا يبلى ونفس لا تموت .

 

قال تعالى :

( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة أعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )

 


       أختاه .........تذكري وقوفك بين يدي الله الجليل

 

عندما يأتيك النداء أين فلانة بنت فلان فيلقى الله في روعك انك أنت المقصودة من بين الخلائق فتقبلي على عرش الواحد الديان ياله من موقف عصيب .

أخرج البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم انه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى ألا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلاّ النار تلقاء وجهه فأتقو النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة ) .

 

 أختاه ..........تذكري يوم تشهد عليك الجوارح والأركان

قال تعالى : ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعلمون  )        ( النور )

قال تعالى: ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )  (يس)

بل ستشهد عليك الأرض التي تمشين عليها متبرجة متعطرة.

أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة أنه قال :- قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية

( يومئذ تحدث أخبارها )

قال: أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمه بما عمل على ظهرها أن تقول . عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا فهذه أخبارها.

 


أختاه .........تذكري تطاير الصحف

 

والناس في هذا المشهد صنفين لا ثالث لهما . صنف يأخذ صحيفته بيمينه فيصرخ بأعلى صوته وهو يجري في ارض المحشر ويقول ( هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أنى ملاق حسابية فهو في عيشة راضية في جنة عالية ) . فتنادي عليه الملائكة وعلى أمثاله من أهل الجنة وتقول

( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية ) .

الصنف الآخر – نسأل الله ألاّ نكون منهم – يأخذ صحيفته بشماله أو من وراء ظهره فيصرخ بأعلى صوته في حسرة شديدة ويقول (يا ليتني لم أوت كتابية ولم أدر ما حسابية يا ليتها كانت القاضية ما أغني عني مالية هلك عني سلطانية ) فيأمر الله الملائكة ويقول لهم

( خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ) .

يقول القرطبي : فيبتدره مائة ألف ملك ثم تجمع يده إلى عنقه فذلك قوله ( فغلوه) ثم الجحيم صلوه أي أدخلوه النار العظيمة المتأججة ليصل حـرها ( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فأسلكوه ) أى ثم أدخلوه فى سلسلة طولها سبعون ذراعاٌ تدخل من دبره وتخرج من حلقه .

 

     أختاه .............تذكري الميزان

قال تعالى : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك  هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) .     ( المؤمنون)

 

 أختاه ................تذكري الصراط وأهواله

فالناس بعد هذه الأهوال يساقون إلى الصراط وهو جسر ممدود على متن النار أحد من السيف وأدق من الشعر فمن استقام في هذا العالم على الصراط المستقيم خف على صراط الآخرة ونجا . ومن عدل عن الاستقامة في الدنيا تعثر وتردى فتفكري الآن فيما يحل من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها وقد كلفت أن تمشي على الصراط مع ضعف حالك واضطراب قلبك وتزلزل قدمك وثقل ظهرك بالأوزار المانعة لك عن المشي على بساط الأرض فضلاً عن حدة الصراط فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك فأحسست بحدته وأضررت إلى أن ترفعي القدم الثانية والخلائق بين يديك يزلون ويتعثرون وآخرون يخطفون بالخطاطيف وبالكلاليب وتسمعي العويل والبكاء وتنظرين إلى الذين ينتكسون على رؤوسهم وآخرين على وجوههم فيا له من منظر فظيع ومرتقي ما أصعبه تتلفتي يميناً وشمالاً إلى من حولك من الخلق وتديري فيهم بصرك وهم يتهافتون أمامك على جهنم والنبي يقول اللهم سلم سلم . فتصوري لو زلت قدمك فهل ينفعك ندمك وتحصرك في ذلك الوقت كلا ٌ

( يومئذ يتذكر الإنسان وأن له الذكرى ) .

                                                     

وأخيراً أختاه ..........جنة نعيمها مقيم أو نار عذابها أليم .

     وتذكري قوله تعالى ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة . أصحاب الجنة هم الفائزون )

نسأل الله تعالى أن  يجعلنا من أهل الجنه

 


  قـصـــة :-

 

جاءت آمراه باغية تراود الربيع أبن خثيم عن نفسه فتعرضت له في ساعة خلوة وأبدت مفاتنها فنظر إليها ثم صرخ في وجهها وقال لها : يا أمه الله كيف بك لو نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين (الشريان المتصل بالقلب ).

أم كيف بــــــك يــــــــــوم يسائلك منكر ونكير ؟؟

أم كيف بـــــك يــوم تقفين بين يدي الله الجليل ؟؟

أم كيف بــك أن لم تتوبي فتلقين في نار الجحيم؟؟

فلما ذكرها بالموت وسؤال الملكين والوقوف بين يدي الله الجليل فرت هاربة تائبة عابدة تصوم من النهار ما تصوم وتقوم من الليل ما تقوم حتى أنها سميت بعابدة الكوفة .

     فيا أيتها الأخت المسلمة :-

 

قد علمت أن الموت مصير كل حي سوى الله وانك ستصلين يوماٌ إلى اليوم الأخير في حياتك صبح ليس بعده مساء أو مساء ليس يليه صبح وتبدأ تلك السلسلة الرهيبة من الأحداث العظام عبر الموت ( بوابة الدار الآخرة ) وما ينتظر المرء بعد موته إلاّ جنة نعيمها مقيم أو نار عذابها اليم فماذا يجب عليك أن تفعلي أترك لك الإجابة وأسأل الله أن يلهمك إيه .   

 


أختاه .............لا أرضى لك

 

1- أختاه ...........لا أرضى لك أن تكوني ملعونة :-

أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

( لعن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل كما لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ).

واللعن (هو الطرد من رحمة الله  تعالى)

 

2- أختاه ...............لا أرضى لك أن تكوني زانية :-

أخرج أهل السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إن المرأة إذا استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ) .

 

3- أختاه......لا أرضى لك أن تكوني من المجاهرات بالمعصية:-

أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل آمتي معافى إلا المجاهرين ) وهل هناك مجاهرة أشد من خروج الفتاة أو المرأة متبرجة عارية تبارز الله بالمعصية .

أختاه تعالي فانظري إلى هذه المرأة السوداء العفيفة الطاهرة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له يا رسول الله إني اصرع وإني أتكشف فادع الله لي قال : إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله عز وجل أن يعفيك قالت اصبر . ولكن لماّ بشرها النبي بالجنة لم ينسيها هذا الأمر أمرا أخر وهو غاية الخطورة وهي أن تتكشف عندما تصرع فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لها ألا تتكشف عندما تصرع فدعا لها . (الحديث عند البخارى ).

فكيف بك يا أمة الله تتكشفين فتلبسين ما شف وما خف وما قصر دون علة أو مرض .

 

4- أختاه.....لا أرضى أن تكوني سلاحاً وأداة هدم يستخدمه دعاة التقدم لهدم الإسلام :- 

أتعجب من استجابتك لدعاة التبرج والسفور وإعراضك عن الرب الغفور فأنت اليوم تواجهين حرباً شعواء ماكرة يشنها أعداء الإسلام بغرض الوصول إليك وإخراجك من حصنك الحصين .

قال أحدهم : كأس وغانية تفعلان بالأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها في حب المادة والشهوات .

وقال آخر : لا يستقيم حال الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن .

وقال آخر : إن الإيمان في القلوب لا في ستر الوجه والجيوب.

 

وقال آخر :

                 ارفعي عنك الحـجــاب         أو مـا كفاك به احتــجابــــا

                  واستقبلي عهـد السفور        اليوم واطرحي عنك النقابا

                  عهد الحجاب لقد تباعد        يــــــــــومـــه عنـا وغـابـا

فيا أختاة أفيقى ولا تنخدعى بهذه الشعارات البراقة وسارعي إلى مغفرة من ربك وجنه عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين واقتحمي حصن الشيطان الرجيم وأنسفية بالذكر الحكيم وأرتدى الحجاب طاعة لرب العالمين

(وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )            ( الأحزاب)

 

  

  5- أختاه ....... لا أرضى لك أن تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى :-

قال تعالى : (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) .        ( الأحزاب)

ومعنى الآية كما جاء في تفسير السعدي ......... لا تكثرن الخروج متبرجات متجملات أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لاعلم عندهم ولا دين .

وانظري كيف قرن النبي صلى الله عليه وسلم التبرج بالشرك والزنى والسرقة وغيرها من المحرمات التي تغضب رب الأرض والسماوات .

أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهم – قال :

( جاءت اميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال أبايعك على ألا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولي ) .

 

6- أختاه ....... لا أرضى لك أن يثقل ميزان سيئاتك :-

لان التبرج يجعل عداد السيئات في حركة مستمرة كعداد الكهرباء لا يتوقف إلا إذا دخلت المرأة لبيتها أو لبست حجابها . فصوني أيتها الشريفة المؤمنة جسدك الطاهر من اعتداء الأعين الباغية وحصينه بالاحتشام لتذودي عنه السهام الباغية فليست الشريفة الطاهرة من تسمح لرجل أن يتمتع ببدنها وأن يلامسه بل الطاهرة الحق هي التي لا تسمح لعين أن تقع على جسمها الطاهر .

أخرج البخاري بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( رُب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ) .

 

ومعنى ذلك أن تكون المرأة كاسية في الدنيا لغناها وكثرة ثيابها وعارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل الصالح في الدنيا أو تكون المرأة كاسية بالثياب ولكنها ثياب شفافة أو ضيقة أو قصيرة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعُري جزاء وفاقا.

 

قــصــة :-

 

جاءت فتاة إلى شيخ ترجو منه أن يعظ الشباب أن يكفوا أعينهم ونظراتهم المسمومة نحو الفتيات فقال لها الشيخ في ثقة ارأيت لو كان عندك إناء مكشوف فيه لحم وتحوم الكلاب حوله ماذا تفعلين قالت أهش الكلاب وادفعهم جهدى  فقال لها وإن عادوا فقالت ادفعهم أيضا فقال لها هذا سيطول عليك ولكن الحل بسيط وهو أن تغطي هذه اللحمة المكشوفة فينصرفوا عنها ولا يستطعون الوصول إليك .

      

 

7- أختاه.... لا أرضى لك بان تكوني بمن رضي بهذه الحياة الدنيا دون الآخرة:-

وأياك أن تكوني ممن رضي بها واطمأن إليها وقد حذرهم الله تعالى فقال في كتابه:

( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ) (سورة التوبة)

والنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا مدى نعيم الدنيا بالنسبة للآخرة فيقول فيما يرويه الإمام مسلم ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم (البحر) فلينظر بم يرجع .                                         

فلو وضع إنسان منا إصبعه في البحر ثم نزعه فانه سيتعلق به قطرات بسيطة فهذه القطرات هي متاع الدنيا وهذا البحر هو متاع الآخرة . فلا تكوني أختاه ممن رضي بهذه القطرات وترك هذا اليم فالله يحذرنا أن نكون من هذا الصنف .

قال تعالى :  ( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخره خير وأبقى)  ( الأعلى )

قال تعالى :  ( كـلا بل تحبون العــــاجــــلة وتـــــذرون الآخرة ) ( القيامة )

قال تعالى :  ( ألهــــــــــــــاكم التكاثر حتى زرتــم المــقابر ) ( التكاثر )

أي شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم  الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها .......   ( مختصر تفسير ابن كثير )

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما عند البخاري :

(  اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ) .

وكان ينام على الحصير حتى أثر في جنبه الشريف فقيل له لو اتخذنا لك وطاء فقال مالي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها  )  ( الترمذي ).

 

فشبه الرسول الدنيا بالظل الذي سرعان ما يزول أو ستزول أنت عنه ولذلك كان

النبي عليه الصلاة والسلام يقول لابن عمر كما في الصحيح

( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) .

أختاه ............ يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلماً )  ( الترمذي )

وإنها ( لا تساوي عند الله جناح بعوضة) كما اخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى : (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرانكم الحياة الدنيا ولا يغرانكم بالله الغرور إن الشيطان لكم عدواً فاتخذوه عدواَ . إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) .              ( فاطر )

فيا أيتها الدرة المصونة لا تعظمي ما حقر الله ولا ترفعي ما وضع الله واعلمي أن الدنيا إلى الجنة أو النار طريق والليالي متجر الإنسان والأيام سوق .

وأعلمي أن تبرجك علامة على إعراض الله عنك .

أخرج الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إن الله إذا أحب عبدا حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه من الطعام والشراب تخافون عليه ).

      فلا تـــــــركني إلى الـــدنيـا وزخرفهــا     والمــــــــوت لا شك يفنينا ويفنيها

      وأعملي لــــــدار غد رضـوان خازنهــا     والجار أحمـــــــد والرحمن ناشيها

      قصورها ذهـــــــب والمــسـك طينتهــا      والزعفران حشـــــيش نابـت فيها

      أنهارها لبـن مصـــــفى ومـــن عســــل     والخمر يجري رحيقاً في مجاريها 

      والطير تجري على الأغــصان عاكفهـا      تسبـح لله جهـــــــراً فــي مغانيهـا 

      فمن يشترى الدار في الفردوس يعمرها     بركعة في ظـلام اللـــــــيـل يحييها

                                                

     8- أختاه لا أرضى أن تطيلي الأمل فتسيئي العمل :-

قال تعالى : (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ) .

     أي دعهم يعيشوا كالأنعام ولا يهتمون بغير الطعام والشراب ويشغلهم طول الأمل عن الاستقامة والأخذ بطاعة الله . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخاف علينا طول الأمل فقال فيما يرويه الحاكم

 

 ( إن أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل فأما الهوى فيضل عن الحق وأما الأمل فينسي الآخرة ) .

فإياك أختاه من السين وسوف فإنهما من أكبر جنود إبليس فلا تقولي سأتحجب أو سوف أتحجب أو سأصلي ولكن يجب عليك المبادرة .

                  فلا ترجي فعل الخير يوم غد          لعل غد يأتي وأنت فقيده

واعلمي أن كل يوم يمر عليك يقربك إلى الآخرة كما قال الحسن البصري يا بن آدم أعلم أنك أيام معدودة كلما مر يوم مر جزء منك وكما قيل .

             نســير إلى الآجال في كل لحظة        وأيــامنا تطـوي وهن مراحل

             فأرحل من الدنيا بزاد من التقي       فعــــمرك أياماً وهـن قلائل

قال ابن قدامه أغتنم يرحمك الله حياتك النفيسة واحتفظ بأوقاتك العزيزة واعلم أن مدة حياتك محدودة وأنفاسك معدودة فكل نفس ينقص به جزء منك والعمر كله قصير والباقي منه هو اليسير ، وكل نفس جوهرة نفيسة لا عدل لها ولا خلف منها فان بهذه الحياة اليسيرة خلود الأبد في النعيم المقيم أو العذاب الأليم فلا تضع جواهر عمرك بغير عمل وتذهبها بغير عوض واجتهد أن لا يخلو نفس من أنفاسك إلا في عمل طاعة أو قربة تتقرب بها إلى الله فانه لو كان معك جوهرة من جواهر الدنيا لساءك ذهابها فكيف تفرط في ساعاتك وأوقاتك وكيف لا تحزن على عمرك الذاهب بغير عوض .

أختاه............انظري إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي :

 

( من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخله في الجنة ) .

 

فأي مجهود بذلتيه وأي وقت استغرقته وأنت تقولي هذا الكلام فالمبادرة المبادرة أختاه فعند دخول القبر يتمنى الإنسان الرجوع إلى الدنيا ليقول سبحان الله أو الحمد الله أو يركع بين يدي الله ركعة ليزيد في حسناته أو يمحا من سيئاته ولكن هيهات هيهات رفعت الأقلام وجفت الصحف فلا هو في حسناته زاد ولا إلى دنياه عائد .

ألست معي أن الأمر خطير ويحتاج إلى وقفة ؟!

 

 9- أختاه .........لا أرضى لك أن تنخلعي في حيائك :-

 

فان الحياء بالنسبة للفتاه كالسياج الذي يكون سبباً في عصمة المرأة وصيانتها وفعل ما يجملهــا

ويزينها واجتناب ما يدنسها ويشينها والحياء يكسب المرأة بهاء وجلال وجمال فعندما تتبرج المـــرأة تفقد حيائها ويقل أيمانها . لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما 

في الصحيح  ( الحياء من الإيمان ) .

 

             حب السفور وحــب إيمان           في قــلب أخت ليس يجتمعان

 

 

ولله در القائل :-

                 لعمــــرك ما في العيش خير         ولا في الدنيا إذا ذهـب الحياء

                 يعيش المرء ما استحيا بخير        ويبقى العـــــود ما بقي اللحـاء

 

10 – لا أرضى لك أن تحشري مع الكافرات يوم القيامة :-

 

أخرج الإمام أحمد بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( من تشبه بقوم فهو منهم )

وأخرج الأمام مسلم عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه أنه قال :

( إياكم والتنعم وزى أهل الشرك ).

 

11- لا أرضى لك أن تكوني من أهل النار :-

 

أخرج الأمام مسلم بسنده أن النبى صلى الله عليه وسلم  قال :

    ( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها توجد على مسيرة كذا وكذا )

والنساء الكاسيات العاريات هن اللآتي يلبسن ثيابا شفافة أو ضيقة أو قصيرة لا تستر عورتهن .

 

أختاه إذا كنت تجدين لذة  في هذه الثياب العارية أو التي تبرز مفاتن جسدك وذلك لما تجدينه من نظر الناس إليك وإعجابهم بك فتذكري نظر الله إليك فلا تجعلي الله أهون الناظرين إليك وأقـــــــــول لك ( لا خير في لذة من بعدها النار ) .

 

 


أختاه ......التوبة والعمل قبل انقضاء الأجل

أختاه .....التوبة والحجاب قبل الحساب

 

   أختاه

أعلمي أن الله غفور رحيم يغفر الذنب ويقبل  التوبة ويستر العيب وهو القائل :

( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )

وهو القائل :  ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) .

أختاه فما عليك إلا أن ترفعي يديك في ذل وانكسار وخضوع وتقولي

( اللهم أسألك بعزك وذلي وبقوتك وضعفي وبغناك عني وفقري إليك أن تغفر لي وترحمني هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك عُبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك لا ملجأ ولا منجي منك  إلا إليك ) .

ساعتها يغفر الله بمشيئته ما تقدم من ذنبك مهما كان .

فيقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( يابن آدم ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يابن آدم إنك لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة )      ( الترمذي )

قراب الأرض ( أي  مــــــــــا يقــــــــــارب مـــــــــــلء الأرض ) .

العنــــــــــــان  ( ما عن منها أي ما ظهر والمقصود هو السحاب ) .

 

فيا كــبير الذنب عفو الله             من ذنبك أكبر

أعظـم الأشياء في جانبك            عفــو الله تغفر

 

فعليك أختي بالمبادرة فإنما هي الأنفاس لو حبُست عنكِ انقطعت عنك أعمالك التي تقربك من الله

سمع الفضيل بن عياض رجلا يقول إنَّ لله وإنَّ إليه راجعون قال يا هذا أتعرف ما معناها ؟ قال نعم أعلم أنى لله عبد وأنى إليه راجع ، قال الفضيل من علم أنه لله عبد وانه إليه راجع علم أنه موقوف بين يديه ومـن علم أنه موقوف علم أنه مسئول ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا فبكى الرجل وقال ما الحيلة ؟ قال الفضيل يسيره قال الرجل ما هي يرحمك الله ؟ قال الفضيل أن تتقي الله فيما بقي يغفر الله لك ما قد مضى .

 

فالتوبة أختاه قبل أن يدهمك الموت ويهجم الدود وينخر العود وتسيل المآقى على الخدود وعندها لابد من سؤال وهو لماذا تبرجت ؟ ولابد أيضاً من الجواب فماذا تقولين ؟    أتقولين تبرجت حباً في معصية الله ورسوله أم تقولين تبرجت كراهية للحجاب الذي فرضه الله تعالى ؟  أم ماذا تقولين فلابد أخت من الجواب ولا ينجي عندها إلا الصواب فأعدي  للسؤال جواباً وللجواب صواباً هداك الله .

         يـــا ذا الجـلال ويا ذا الجود والكـــرم      إني أتيــتــــك أخشـــــى زلة القــدم

         ذنــــــبي عظـيم وأرجو منك مغفــرة       يــــا واسـع العفو والغفران والكرم

         دعوت نفســي إلى الخيرات فامتنعت       وأعرضت عن طريق الخير والنعم

         خسرت عمري وقد فرطت في زمني       في غير ما طاعة المولى فيما ندمى

         ذي حـــالتــــــي وانكساري لا تخيبي       أرجو الرضا منك بالغفران والكرم

 

فعليك أخت أن تلزمي ولا تتوانى في الطرق على بابه علهُ يفتح لك ويشملك برحمته الواسعة فلو أغلق بابه دونك فإلى من ستذهبين .

وأعلمي أن التوبة عبارة عن ندم يورث عزماً وقصداً وعلامة الندم طول الحزن والبكاء فإن من استشعر عقوبة نازلة لولده أو من يعز عليه لطال بكائه واشتدت مصيبته وأي عزيز أعز عليه من نفسه ؟ وأي عقوبة أشد من النار ؟ وأي سبب أدل على نزول العقوبة من المعاصي ؟ وأي مخبر أصدق من الرسول صلى الله عليه وسلم .

      

شروط التوبة :-

الإقــــــــلاع عن المعصية . 

 النــــــــدم على فعــــــــلها .

العزم على عدم العودة إليها.

 

وإذا كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة هي الثلاثة السابقة والرابعة هي رد المظالم إلى أهلها سواء كان مال رده أو مظلمة من غيبة أو نميمة مكنه من نفسه وطلب الصفح

أختاه فإذا أردت أن تخلعي عنك ثوب الجاهلية وتلبسي ثوب الحياء ثوب العفيفات الطاهرات فعليك أن تعرفي شروطه .

 

شروط  الحجاب

 

1- أن يكون مستوعب لجميع البدن بلا استثناء لقوله صلى الله عليه وسلم

( المرأة عورة )       رواه الترمذي  

2- ألا يكون الحجاب زينة في نفسه أو ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار لقوله تعالى :

( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )

كما ينبغي على المرأة ألا تلفت أنظار الرجال بثوبها وتغريهم بألوانه .  

3-  أن يكون صفيقا لا يشف لقولـه صلى الله عليه وسلم :-

( سيكون في آخر آمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن    فإنهن ملعونات )                      رواه الطبراني

قال بن عبد البر :- أراد النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات فى الحقيقة .

4- أن يكون واسعا فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها أو يظهر أماكن الفتنة في الجسم .

5- ألاّ يكون مبخراَ مطيباً لقولـه صلى الله عليه وسلم

( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية ) .   أخرجة النسانى

6- ألا يشبه لباس الرجل لقول أبى هريرة رضى الله عنه ( لعن النبى صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ). رواة داود .

7- ألا يشبه لباس الكافرات لقوله صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم )

( رواه أحمد ) مثل أن يكون قصيرا أو سافرا ويحسن تعويد الفتاة الحشمة وارتداء الطويل من الملابس .

8- ألا يكون لباس شهرة وهو كل ثوب يقصد به الاشتهار بين الناس سواء كان الثوب نفيساً يُلبس تفاخرا أو خسيسا يلبس إظهارا للزهد والرياء .

      لقوله صلى الله عليه وسلم

( من لبس ثوبا شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا ).

 

أختــــــاه يا أمــــة الإله تحشـــــــمي      لا تــــرفـــعي عنك النقاب فتندمي

 

صـــوني جمالك إن أردت كرامــــــة       كــي لا يصول عليك أدنى ضـــيغم

 

لا تعــرضي عن هدى ربك ســـــاعة       عضــي عليه مدى الحياة لتنـعمـــي

 

مـــا كان ربـك جـائرا فـــــي شرعه       فــــــاستمسكي بعـراه حتى تنعمــي

 

ودعـــي هــراء القـــــائــلين سفاهة       إن التــــقدم في السفور الأعـجمـــي

 

حـــلل التـــبرج إن أردت رخيـصة       أمــــــــا العفــاف فدونه سفك الــدم

 

لا تعــرضي هذا الجمال على الورى       إلا لــــــــــزوج أو قــريب مُحــرم

 

أنــــــــــا لا أريــد بأن أراك جهولة       إن الجـــــــــــهـــالة مرة كــالعلقـم

 

فـتـــــعـــلمي وتثــــــــقفي وتنـوري      والحــــــق يا أختـــــــاه أن تتعلمي

 

ولكـــــني أمســــــــي وأصبح قائلاُ      أختــــــــــاه يا أمة الإلــــه تحشمـي

جزى الله خيراٌ كل من أعان على نشر هذه الرسالة 

دعاء

اللهم اشفني شفاءا لا يغادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني رحمة واسعة مباركة طيبة واكفني همي كله وفرج كربي كله واكشف البأساء والضراء عني و...